الحرب على القرقوبي.. هل تتكاتف جهود الأمن والمجتمع المدني؟

هبة بريس -عبد اللطيف بركة

في الآونة الأخيرة، شهدت العديد من المدن المغربية، خاصة بعد عيد الفطر، أحداثًا دامية خلفت إصابات في صفوف المدنيين وعناصر الأمن، إلى جانب بعض الجانحين الذين كانوا في حالة هيجان غير مسبوقة، آخر هذه الأحداث كان في مدينتي أسفي وأكادير، حيث اضطرت المصالح الأمنية إلى استخدام الأسلحة النارية لتوقيف مشتبه فيهم بدت عليهم أعراض حالة هستيرية وعنف غير عادي.

– التحقيقات تكشف عن تناول المؤثرات العقلية

خلال التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية، تم الكشف عن أن السبب الرئيس وراء هذه التصرفات العنيفة والهستيرية هو تناول مؤثرات عقلية من نوع “القرقوبي” أو استعمالها في مشروبات كحولية محلية الصنع ” ماحيا” ، وهي من أبرز المواد المخدرة التي يتداولها الشباب في الآونة الأخيرة.

هذه المواد تؤثر بشكل كبير على الجهاز العصبي، ما يجعل الأفراد يتصرفون بشكل غير عقلاني ويشكلون خطرًا على أنفسهم وعلى المجتمع.

– التحديات التي تواجه الأمن في مواجهة الظاهرة

تواجه الأجهزة الأمنية تحديات كبيرة في محاربة انتشار هذه المخدرات، حيث إن تجارة القرقوبي أصبحت تجارة رائجة، بما في ذلك في بعض الأحياء الشعبية والمناطق النائية، التي ينجذب إليها الشباب بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، وعلى الرغم من المجهودات المبذولة من قبل الأمن، فإن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب استراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

– التعاون بين الأمن والمجتمع المدني اصبح ضرورة ملحة

في هذا السياق، يرى العديد من الخبراء أنه لا يمكن تحقيق نجاح حقيقي في مكافحة تجارة واستهلاك المؤثرات العقلية بدون تعاون فعّال بين مختلف الأطراف المعنية، وعلى رأسها الأمن والمجتمع المدني، فبينما تبذل المصالح الأمنية جهودًا جبارة لمكافحة الاتجار بالقرقوبي، يحتاج هذا الجهد إلى الدعم المجتمعي، خاصة من المنظمات غير الحكومية والجمعيات المحلية التي تعمل على تعزيز الوعي بين الشباب حول خطورة هذه الآفة.

ومن هذا المنطلق، أصبح من الضروري أن تتضافر الجهود لتكثيف الحملات التحسيسية داخل المدارس والجامعات والمراكز الاجتماعية، كما يجب على الحكومة او الفاعلين الاقتصاديين ومعهم منظمات مدنية لعب دور رئيسي في تأهيل الشباب من خلال خلق فرص العمل والتدريب المهني وتوجيههم نحو الأنشطة الرياضية والفنية التي تساهم في تعزيز الوعي الصحي والعقلي لديهم، بعيدًا عن الانخراط في عالم المخدرات.

– التربية والتحسيس …أسلحة رئيسية في المعركة

إضافة إلى الحملات الأمنية، يعتبر العمل التربوي والتوعوي داخل المجتمع أحد الحلول الفعّالة لمكافحة هذه الآفة، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الأجهزة الأمنية، فإن نشر الوعي بين الشباب حول الأضرار الصحية والنفسية لاستهلاك المواد المخدرة يعتبر أمرًا حيويًا، وهذا يستدعي تكثيف الدورات التدريبية والندوات التي تنظمها الجمعيات مع مختلف الهيئات المعنية، خاصة في الأحياء الشعبية حيث تزداد الظاهرة.

– ضرورة تكامل الجهود لمواجهة التحدي

لا بد من الإشارة إلى عنصر أساسي في عملية مواجهة آفة المخدرات وهو دور الأسرة أساسي جدا في مراقبة وحماية الأبناء والمصاحبة لهم خصوصا في مرحلة المراهقة ، من اجل عدم الولوج لهذا العالم المظلم من تناول المخدرات، ومن هنا نخلص أن الحرب على القرقوبي هي مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع المدني و الأجهزة الأمنية، هذه الحرب تتطلب تنسيقًا مستمرًا وتعاونًا مكثفًا لتوفير حلول فعّالة وقادرة على تقليص انتشار هذه الآفة، ومن خلال العمل المشترك بين مختلف الأطراف المعنية، يمكن تحقيق نتائج ملموسة في الحفاظ على أمن وصحة المواطنين، خاصة فئة الشباب التي تشكل مستقبل الوطن.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى