تأخر انطلاق حافلات “أمل واي” بأكادير يزيد من أزمة النقل الحضري ويسائل السلطات
هبة بريس- عبد اللطيف بركة
أصبح النقل الحضري في مدينة أكادير من القضايا الملحة التي تؤرق المواطنين، خصوصًا في ظل الزيادة المستمرة في عدد السكان، وتوسع المدينة بشكل متسارع.
ورغم الجهود المبذولة لتحسين هذا القطاع، لا تزال أزمة النقل الحضري تُعتبر من أبرز المشاكل التي يواجهها سكان أكادير يوميًا.
وفي هذا السياق، يبرز مشروع “حافلات أكادير الصديقة للبيئة” الذي كان من المفترض أن يُحسن بشكل كبير من جودة النقل العمومي في المدينة، لكنه تأخر بشكل ملحوظ في الانطلاق، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
مشروع حافلات “أمل واي”
تعد حافلات “أمل واي” جزءًا من مشروع ضخم ضمن مخطط التهيئة الحضرية لمدينة أكادير، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس في فبراير 2020.
المشروع يهدف إلى تحويل النقل الحضري في أكادير إلى منظومة حديثة وصديقة للبيئة، باستخدام أسطول من الحافلات المتطورة التي تعمل بالغاز الطبيعي أو الطاقة الكهربائية.
وكان من المتوقع أن تجعل هذه الحافلات أكادير ثاني مدينة مغربية بعد الدار البيضاء تمتلك هذا النوع من وسائل النقل، وهو ما من شأنه أن يُحسن من جودة الحياة في المدينة ويُقلل من انبعاثات الكربون.
أسباب تأخر انطلاق الخدمة
رغم توفر الأسطول المخصص للمشروع، الذي يتكون من حافلات حديثة تعمل بمحركات متطورة ومصممة لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لا تزال الحافلات الجديدة عاطلة عن العمل منذ إعلان تدشينها في يوليوز الماضي.
ويرجع التأخير إلى عدة أسباب، منها الصعوبات اللوجستية المرتبطة بتوفير البنية التحتية المناسبة لتشغيل هذه الحافلات، مثل المسارات المخصصة لهذه الحافلات، والتي لا تزال فارغة في الغالب طوال اليوم.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك تأخير في بعض الإجراءات المتعلقة بالتعاقد مع الشركات المتخصصة في تشغيل هذه الحافلات، ما يعرقل انطلاقتها في الوقت المحدد.
مخاوف المواطنين وتأثير التأخير على المدينة
أثار تأخر انطلاق الحافلات القلق لدى المواطنين الذين بدأوا في التشكيك في قدرة المشروع على تجاوز المشاكل التي شهدتها مدن مغربية أخرى مثل مراكش، التي واجهت صعوبات مماثلة في تشغيل الحافلات عالية الجودة.
ويضاف إلى ذلك، أن هذا التأخير يساهم في تفاقم أزمة النقل الحضري في أكادير، التي يعاني سكانها من ازدحام مروري كبير وتقلص فرص التنقل الفعّال.
وفي الوقت الذي كان من المفترض أن توفر فيه الحافلات الحديثة خدمة منتظمة وسريعة، يسود شعور بالإحباط بين سكان المدينة بسبب تأخر تنفيذ المشروع.
المشروع وأبعاده المستقبلية
مشروع “أمل واي” يشكل جزءًا من خطة التنمية الحضرية التي تمتد حتى 2024، ويستهدف تحسين البنية التحتية للنقل في أكادير، استعدادًا لاستضافة المدينة لكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030. الخط الأول من المشروع يمتد على 15.5 كيلومترًا ويشمل 35 محطة توقف و5 أقطاب للتبادل.
كما يهدف المشروع إلى خدمة أكثر من 105,000 شخص يعيشون في المناطق المحيطة بالخط. لكن حتى الآن، لم يتم تحقيق الوعود التي تم الإعلان عنها، حيث لا تزال المسارات المخصصة لهذه الحافلات فارغة، ما يثير التساؤلات حول أسباب التأخير في التشغيل الفعلي.
التحديات المستقبلية والحلول المقترحة
يعتبر تأخر المشروع تحديًا كبيرًا للسلطات والمنتخبين ، خاصة في ظل الضغط السكاني المتزايد والطلب المرتفع على وسائل النقل العامة. يُضاف إلى ذلك أن الحلول التي كانت تُعتبر منقذة في مجال النقل الحضري، مثل الحافلات الصديقة للبيئة، لم تُنفذ كما كان متوقعًا.
ومن المهم أن تسعى السلطات المحلية والشركات المعنية لتسريع تنفيذ هذا المشروع لضمان توفير وسائل نقل عامة فعالة ومستدامة تخفف الضغط على شبكة النقل الحالية.
كما يطرح العديد من الفاعلين المحليين أسئلة حول الإجراءات المستقبلية، ومنها كيفية تسريع تأهيل المسارات والبنية التحتية، وكذلك تخصيص الموارد المالية والتقنية اللازمة لضمان سير العملية بشكل سلس.
ويُتوقع أن يشمل المشروع في مرحلته القادمة تكاملًا بين الحافلات عالية الجودة والحافلات التقليدية التي ستجوب الأحياء السكنية، ما سيسهم في تحسين التغطية والخدمة العامة للمواطنين.
و تظل أزمة النقل الحضري في أكادير من القضايا الأساسية التي تحتاج إلى حلول جذرية وفعالة. ورغم التأخير في انطلاق مشروع حافلات “أمل واي”، يبقى الأمل معقودًا على تفعيل هذا المشروع في أقرب وقت لتخفيف معاناة المواطنين، وتخفيف الضغط على البنية التحتية للنقل، وتحقيق التوازن بين التنمية البيئية والتنمية الحضرية.
إن سرعة إنجاز هذا المشروع ستكون خطوة هامة نحو تحسين جودة الحياة في أكادير، وتحقيق رؤية المدينة كمركز حضري حديث يتماشى مع تطلعات سكانها ويواكب النمو السريع الذي تشهده.